الهستدروت الاسرائيلي
الهستدروت الاسرائيلي

الهستدروت: النقابة التي تقلب موازين الصراع داخل إسرائيل

الهستدروت

في خضم تصاعد التوترات والضغوط الداخلية، تستعد إسرائيل لمواجهة إضراب عمالي شامل تقوده الهستدروت، أكبر اتحاد نقابي في البلاد، والذي من المقرر أن يبدأ يوم الاثنين. يأتي هذا الإضراب كأقوى تحرك حتى الآن للضغط على الحكومة الإسرائيلية من أجل وقف إطلاق النار في غزة وتأمين إطلاق سراح الرهائن الذين تحتجزهم حركة حماس.

وقد شهدت البلاد يوم الأحد احتجاجات واسعة في المدن الكبرى، حيث خرج مئات الآلاف من الإسرائيليين إلى الشوارع بعد العثور على جثث ستة رهائن قتلوا في نفق بقطاع غزة. تعكس هذه الاحتجاجات والإضراب المخطط لهما الغضب المتزايد تجاه حكومة بنيامين نتنياهو، التي يتهمها النقاد بأنها تفضل استمرار الحرب على حساب حياة الرهائن. في ظل هذا الوضع المتفجر، تتزايد الضغوط على الحكومة لتحقيق حل سريع، وسط مخاوف من اتساع نطاق النزاع إلى مناطق أخرى في المنطقة.

ما هي الهستدروت؟

الهستدروت، المعروفة أيضًا باسم الاتحاد العام للعمال في إسرائيل، هي أكبر منظمة نقابية في البلاد وواحدة من أقدمها. تأسست في ديسمبر 1920، وتعد الهستدروت مؤسسة محورية في الحياة الاقتصادية والاجتماعية لإسرائيل. منذ إنشائها، لعبت الهستدروت دورًا حاسمًا في تنظيم العمل والاقتصاد، وتمثل اليوم قوة ضاغطة في المشهد السياسي والاقتصادي الإسرائيلي.

الدور التاريخي للهستدروت

 الهستدروت ليست مجرد نقابة عمالية، بل كانت قوة محركة في بناء الدولة الإسرائيلية الحديثة. خلال فترة الانتداب البريطاني على فلسطين، كانت الهستدروت تمثل جزءًا أساسيًا من الجهود الصهيونية لإنشاء مجتمع يهودي متكامل. في العقود الأولى من تأسيسها، لم تكن الهستدروت مسؤولة فقط عن الدفاع عن حقوق العمال، بل كانت تدير أيضًا العديد من الشركات الكبرى، بما في ذلك شركات في قطاعات الزراعة، النقل، البناء، والتصنيع. هذه الأنشطة ساعدت في بناء البنية التحتية الاقتصادية والاجتماعية لإسرائيل قبل وبعد الاستقلال.

أهمية الهستدروت في الحاضر

 اليوم، تلعب الهستدروت دورًا رئيسيًا في التفاوض على حقوق العمال وظروف العمل في إسرائيل. تضم الهستدروت مئات الآلاف من الأعضاء في مختلف القطاعات، مما يمنحها قوة كبيرة في المفاوضات مع الحكومة وأرباب العمل. بالإضافة إلى ذلك، تعتبر الهستدروت جهة فاعلة رئيسية في تنظيم الإضرابات الوطنية التي يمكن أن تؤثر على الاقتصاد بشكل كبير.

أدوار حديثة

في السنوات الأخيرة، استخدمت الهستدروت قوتها التنظيمية لقيادة إضرابات واسعة النطاق ضد سياسات الحكومة التي تعتبرها مضرّة بحقوق العمال. على سبيل المثال، خلال عام 2024، نظمت الهستدروت إضرابًا وطنيًا للضغط على الحكومة لقبول وقف إطلاق النار مع حماس، مما يعكس الدور السياسي المتزايد للنقابة في القضايا الوطنية.

النقد والتحديات

 بالرغم من قوتها وتأثيرها، تواجه الهستدروت انتقادات مستمرة. ينتقد البعض الهستدروت بأنها أصبحت بيروقراطية ومعقدة، وتركز في بعض الأحيان على مصالحها الخاصة بدلاً من مصالح العمال. كما يشتكي بعض الأعضاء من أنها تتعاون مع الحكومة على حساب الصالح العام للعمال. 

تأثير الهستدروت على الاقتصاد

 نظرًا لحجم عضويتها وتأثيرها، فإن أي إضراب تنظمه الهستدروت يمكن أن يشل الاقتصاد الإسرائيلي بشكل كبير. يتأثر العديد من القطاعات الحيوية مثل النقل، الرعاية الصحية، والخدمات العامة بالإضرابات التي تدعو إليها الهستدروت، مما يجعلها واحدة من أقوى النقابات في العالم.

الخلاصة

الهستدروت ليست مجرد نقابة عمالية؛ إنها مؤسسة لعبت دورًا حاسمًا في تشكيل الاقتصاد والمجتمع الإسرائيليين. تستمر الهستدروت اليوم في كونها قوة سياسية واقتصادية رئيسية، تدافع عن حقوق العمال وتؤثر في صنع القرار الوطني.