ماذا حدث؟
في أغسطس 2024، تجاوز الذهب حاجز 2500 دولار للأونصة، مسجلاً أعلى مستوى له على الإطلاق. جاء هذا الارتفاع نتيجة لتوقعات بخفض أسعار الفائدة من قبل الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي، بالإضافة إلى ضعف الدولار الأمريكي وزيادة مشتريات البنوك المركزية في الأسواق الناشئة، وتصاعد التوترات الجيوسياسية في مناطق مثل الشرق الأوسط وأوكرانيا.
الصورة الكبيرة
يعكس هذا الارتفاع الكبير في أسعار الذهب حالة من التوتر وعدم اليقين على الساحة العالمية. التوقعات بخفض أسعار الفائدة من قبل الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي تلعب دورًا محوريًا؛ حيث إن خفض الفائدة يعني تقليل العوائد المتوقعة من الأصول الاستثمارية الأخرى، مما يجعل الذهب كملاذ آمن أكثر جاذبية.
بالإضافة إلى ذلك، شهد الدولار الأمريكي انخفاضًا ملحوظًا في قيمته، مما جعل الذهب أرخص للمستثمرين الدوليين وزاد من الطلب عليه. كما قامت البنوك المركزية في الدول الناشئة مثل الصين وروسيا والهند بزيادة احتياطياتها من الذهب في إطار سعيها لتقليل اعتمادها على الدولار الأمريكي.
التوترات الجيوسياسية المستمرة في مناطق حساسة مثل الشرق الأوسط وأوكرانيا دفعت المستثمرين للبحث عن ملاذات آمنة، حيث يُعتبر الذهب أحد أبرز هذه الملاذات.
ومن المتوقع أن يستمر هذا الاتجاه، حيث تشير التوقعات إلى أن الذهب قد يتجاوز 3000 دولار للأونصة إذا قرر الاحتياطي الفيدرالي خفض الفائدة بمقدار 225 نقطة أساس بحلول نهاية 2025. وفقًا لتحليل البيانات التاريخية، قد يرتفع سعر الذهب بنسبة 6.3% لكل خفض بمقدار 25 نقطة أساس في سعر الفائدة الفيدرالية.
الرابحون والخاسرون
- من الرابحون:
- أسهم شركات تعدين الذهب: مثل Barrick Gold وNewmont Corporation، حيث تستفيد هذه الشركات من زيادة هوامش الربح نتيجة ارتفاع أسعار الذهب.
- الصناديق المتداولة في البورصة (ETFs): مثل SPDR Gold Shares، التي تجذب تدفقات استثمارية كبيرة نتيجة الارتفاع في أسعار الذهب.
- الفضة والمعادن الثمينة الأخرى: التي تميل إلى الارتفاع بجانب الذهب كملاذ آمن.
- من الخاسرون:
- السلع الصناعية: مثل النحاس، التي تتأثر سلبًا بتوجه المستثمرين نحو الأصول الآمنة مثل الذهب.
- الأسهم في القطاعات المحفوفة بالمخاطر: مثل التكنولوجيا والسلع الاستهلاكية، التي قد تتراجع بسبب مخاوف من تباطؤ الاقتصاد.
- الدولار الأمريكي: الذي يتراجع عادة خلال فترات ارتفاع الذهب، مما يؤثر سلبًا على الاستثمارات المقومة بالدولار.
- الأدوات المالية الحساسة لأسعار الفائدة: مثل أسهم البنوك التي تعتمد على أسعار فائدة أعلى لتحقيق أرباح.
ولكن
هناك عدة عوامل قد تغير هذا السيناريو:
- أسعار الفائدة: إذا تأخر الاحتياطي الفيدرالي في خفض أسعار الفائدة أو إذا قرر رفعها مجددًا، قد يتعرض الذهب لضغوط بيعية. كما أن مدى عمق هذه التخفيضات سيؤثر بشكل مباشر على السقف السعري المتوقع للذهب.
- الاستقرار الجيوسياسي: أي تهدئة أو حل للنزاعات الجيوسياسية قد يقلل من الطلب على الذهب كملاذ آمن، مما قد يحد من ارتفاع الأسعار.
- تحركات البنوك المركزية: إذا تباطأت وتيرة شراء الذهب من قبل البنوك المركزية، قد يتأثر الطلب العالمي على الذهب، وبالتالي قد يتباطأ صعود الأسعار.
- قوة الدولار: إذا استعاد الدولار قوته نتيجة لأي عوامل اقتصادية غير متوقعة، فقد يحد ذلك من ارتفاع أسعار الذهب.
ما القادم؟
إذا استمرت الظروف الحالية، قد يستمر الذهب في الارتفاع ليصل إلى 2600 دولار للأونصة بحلول نهاية 2024، ومع توقعات خفض الفائدة من الاحتياطي الفيدرالي، يمكن أن تتجاوز الأسعار 3000 دولار للأونصة في الدورة الاقتصادية الحالية. من المهم متابعة السياسات النقدية، التطورات الجيوسياسية، وتحركات البنوك المركزية. يمكن للمستثمرين التفكير في زيادة مراكزهم في الذهب أو الأسهم المرتبطة به، مع الانتباه لاحتمالات التقلبات في السوق.