كيف تدخلت الحكومة الصينية لإنقاذ الاقتصاد؟
كيف تدخلت الحكومة الصينية لإنقاذ الاقتصاد؟

كيف تدخلت الحكومة الصينية لإنقاذ الاقتصاد؟

ماذا حدث؟

أطلقت الصين حزمة تحفيز كبيرة في محاولة لإعادة إحياء اقتصادها المتباطئ، وحققت هذه الحزمة تأثيرًا فوريًا على أسواق الأسهم. بنك الشعب الصيني (PBoC) أعلن عن سلسلة من الإجراءات لتحفيز الاقتصاد، من أبرزها خفض نسبة الاحتياطي الإلزامي (RRR) للبنوك بنسبة 0.5%، ما سمح للبنوك بضخ سيولة إضافية تصل إلى 113 مليار دولار. كما شملت الحزمة خفض أسعار الفائدة على القروض وتحفيز الشركات على الاقتراض، خصوصاً في قطاع العقارات الذي يعاني من تراجع حاد. يأتي هذا التدخل كجزء من استراتيجية أوسع لإعادة بناء الثقة في سوق العقارات وتخفيف أعباء السيولة على المطورين.

الصورة الكبيرة

من خلال هذه الحزمة، ارتفع مؤشر CSI 300 بنسبة 4.3% تقريبًا، مقتربًا من تعويض خسائره لهذا العام. مؤشر شنغهاي المركب ومؤشر شنتشن المركب شهد أيضًا انتعاشًا كبيرًا نتيجة للتفاؤل المتزايد في السوق. كما قفزت أسعار النحاس بنسبة 3% وأسعار النفط بنسبة 1%، وهو ما يعكس توقعات بزيادة الطلب في قطاعات البناء والبنية التحتية. يشير هذا الارتفاع إلى أن المستثمرين يتوقعون أن تؤدي هذه التدابير إلى تحفيز النشاط الاقتصادي على نطاق واسع، خصوصًا مع عودة التركيز على قطاعي العقارات والتعدين.

إلى جانب هذه الإجراءات، شهدت أسهم شركات التكنولوجيا أيضًا قفزة ملحوظة. على سبيل المثال، ارتفعت أسهم شركات مثل نيفيديا وAMD نتيجة التوقعات بتحسن المبيعات في السوق الصينية. هذه الشركات تعتمد بشكل كبير على السوق الصيني، وعودة الطلب في هذا السوق الضخم يشكل عاملًا أساسيًا في زيادة أسعار أسهمها.

الرابحون والخاسرون

من الرابحون:

  • صناديق المؤشرات والأسهم الصينية: سجلت صناديق المؤشرات المتداولة (ETFs) التي تتبع مؤشر CSI 300 ارتفاعًا كبيرًا، مما ساعد في تعويض الخسائر السابقة. أيضًا، استفادت صناديق المؤشرات المتعلقة بقطاعي البناء والتعدين من التحفيز الحكومي والارتفاع المتوقع في الطلب.
  • شركات العقارات: من المتوقع أن تستفيد الشركات العقارية المدرجة في البورصة من تحسين السيولة بعد أن كان القطاع يعاني من أزمة السيولة، خاصة تلك التي تعتمد على بيع المنازل المكتملة وليس المنازل المسبقة البناء.
  • قطاع التعدين والبناء: ارتفعت أسهم الشركات العاملة في قطاع التعدين بسبب التوقعات بزيادة الطلب على المواد الخام مثل النحاس وخام الحديد، بالإضافة إلى نمو متوقع في مشاريع البنية التحتية. على سبيل المثال، ارتفعت أسعار النحاس بنسبة 3%، مما دعم أسهم شركات التعدين مثل فريبورت-ماكموران.

من الخاسرون:

  • الأصول الآمنة: شهدت أسعار الذهب والمعادن الثمينة تراجعًا بسبب انتقال المستثمرين إلى الأصول ذات المخاطر العالية مثل الأسهم. من المتوقع أن يتأثر قطاع الذهب بشدة في حالة استمرار هذه الديناميكية.
  • الشركات المعتمدة على مبيعات ما قبل البناء: قد تشهد الشركات التي تعتمد بشكل كبير على مبيعات العقارات المسبقة البناء تراجعًا، مع تحول السوق نحو المنازل المكتملة. يتوقع أن يؤدي هذا التغير في الطلب إلى خلق صعوبات إضافية لهذه الشركات التي كانت تعتمد على هذا النموذج لتأمين التمويل قبل إتمام المشاريع.
  • الشركات ذات الديون المرتفعة: على الرغم من التحفيز، لا يزال من غير المؤكد ما إذا كانت الشركات العقارية المثقلة بالديون ستتمكن من الاستفادة من هذه السياسات نظرًا للتحديات المستمرة في تأمين تمويل إضافي.

ولكن

رغم المكاسب الملحوظة على المدى القصير في أسواق الأسهم وزيادة الثقة بين المستثمرين، لا تزال هناك تساؤلات حول ما إذا كانت هذه التدابير كافية لحل المشكلات الهيكلية التي يعاني منها الاقتصاد الصيني. إحدى هذه المشكلات هي ضعف الطلب في سوق العقارات، حيث استمرت أسعار المنازل في الانخفاض في العديد من المدن الرئيسية. على سبيل المثال، شهدت مدن مثل شنغهاي وبكين تراجعات كبيرة في أسعار العقارات، وهذا التراجع يزيد من حذر المشترين ويؤثر على ثقتهم في السوق.

ما القادم؟

من المحتمل أن تستمر الحكومة الصينية في اتخاذ مزيد من التدابير إذا لم تحقق الحزمة التحفيزية الحالية النتائج المرجوة. قد تشمل هذه التدابير تخفيضات إضافية في أسعار الفائدة، وتقديم حوافز مالية لزيادة الطلب في سوق العقارات، أو تشجيع الإنفاق الاستهلاكي عبر تخفيف الضرائب. على الرغم من أن هذه الحزمة أثارت تفاؤلًا قصير الأجل في السوق، إلا أن التحديات طويلة الأمد مثل زيادة المعروض من العقارات وضعف الثقة في السوق قد تتطلب حلولًا أعمق وأكثر شمولًا.