مستثمري اسرائيل الغامضون!
منذ النكبة و بمجرد تأسيس إسرائيل في عام 1948، واجهت الدولة الجديدة تحديات اقتصادية كبيرة، وكانت بحاجة ماسة إلى موارد مالية ضخمة. أحد الحلول الرئيسية كان إنشاء برنامج سندات إسرائيل المعروف باسم مؤسسة تنمية إسرائيل (DCI). هذا البرنامج، الذي أطلق في عام 1951 بمبادرة من دافيد بن غوريون، كان يهدف إلى إشراك اليهود في الشتات في تمويل بناء الدولة.
في البداية، كان المستثمرون في هذه السندات من الجالية اليهودية الأمريكية، لكن بمرور الوقت توسع البرنامج ليشمل مؤسسات استثمارية وحكومات محلية في الولايات المتحدة. لعبت هذه السندات دورًا حيويًا في دعم الاقتصاد الإسرائيلي من خلال تمويل مشاريع بنية تحتية وتنموية هامة.
بفضل هذه الاستراتيجية، تمكنت إسرائيل من جمع مليارات الدولارات عبر العقود، مما ساهم في تحويلها إلى قوة اقتصادية.
الجذور الخفية: بداية البرنامج
في عام 1951، وخلال إحدى الفعاليات الشهيرة في ماديسون سكوير غاردن بنيويورك، تم إطلاق برنامج سندات إسرائيل لأول مرة. شهد هذا الحدث جمع مبلغ هائل قدره 52 مليون دولار (ما يعادل أكثر من 500 مليون دولار اليوم بعد احتساب التضخم). كانت هذه البداية المتواضعة، التي أطلقت في قلب المجتمع اليهودي في الولايات المتحدة، بداية لتدفق مستمر من الأموال من مستثمرين غامضين من جميع أنحاء العالم، الذين ساهموا في بناء البنية التحتية لإسرائيل ودعم اقتصادها.
مستثمري اسرائيل الغامضون: من يقف وراء التمويل؟
على مر العقود، استقطب برنامج سندات إسرائيل ملايين المستثمرين، ليس فقط من المجتمعات اليهودية ولكن من جهات دولية متعددة. كان هؤلاء المستثمرون، الذين ظلوا غالبًا بعيدين عن الأضواء، قوة دافعة في دعم إسرائيل مالياً خلال فترات صعبة. وفي الولايات المتحدة وحدها، شارك أكثر من مليون مستثمر في شراء سندات إسرائيل، بينما تجاوزت الاستثمارات في كندا ملياري دولار كندي.
النتائج الاقتصادية: بناء دولة من لا شيء
برنامج سندات إسرائيل كان له دور حاسم في تطوير البنية التحتية الاقتصادية على مدار العقود الماضية. منذ إطلاقه في عام 1951، ساعد هذا البرنامج في جمع أكثر من 50 مليار دولار، تم توجيهها لتمويل مشاريع بنية تحتية أساسية مثل بناء الطرق السريعة، توسيع شبكة الكهرباء، وإنشاء المجتمعات الجديدة في مناطق مختلفة من البلاد.
على سبيل المثال، ساهمت الأموال التي تم جمعها من خلال برنامج السندات في تطوير شبكة النقل في إسرائيل، بما في ذلك مشروع خط المترو الأحمر في تل أبيب، الذي يعد أكبر مشروع بنية تحتية في تاريخ إسرائيل. هذا المشروع، الذي تبلغ تكلفته حوالي 4.34 مليار دولار، ويعد جزءًا من شبكة واسعة تضم خطوطًا تحت الأرض وفوقها.
علاوة على ذلك، أسهمت هذه الاستثمارات في تحول إسرائيل من اقتصاد ناشئ في الخمسينيات إلى اقتصاد متطور. فعلى سبيل المثال، ارتفع نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي من حوالي 3000 دولار في الخمسينيات إلى أكثر من 50,000 دولار اليوم.
الاستمرارية والغموض: نظرة على المستقبل
حتى اليوم، لا يزال برنامج سندات إسرائيل يلعب دورًا رئيسيًا في تأمين التمويل اللازم لدعم الاقتصاد الإسرائيلي. بفضل الأموال التي تُجمع حالياً، تستمر إسرائيل في تطوير تقنيات جديدة، وتوسيع البنية التحتية للطاقة المتجددة، وتحسين إدارة الموارد المائية – وهي مجالات تعتبر حيوية لإسرائيل.